قبول قولها في الحيض والحبل وفي انقضاء العدة وذلك معنى يخصها ولا يطلع عليه غيرها فجعل قولها كالبينة فكذلك سائر ما تعلق من الأحكام بالحيض فقولها مقبول فيه وقالوا لو قال لها عبدى حر إن حضت فقالت قد حضت لم تصدق لأن ذلك حكم في غيرها أعنى عتق العبد والله تعالى إنما جعل قولها كالبينة في الحيض فيما يخصها من انقضاء عدتها ومن إباحة وطئها أو حظره فأما فيما لا يخصها ولا يتعلق بها فهو كغيره من الشروط فلا تصدق عليه ونظير هذه الآية في تصديق المؤتمن فيما اؤتمن عليه قوله تعالى (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) كما وعظه بترك البخس دل ذلك على أن القول قوله فيه ولو لا أنه مقبول القول فيه لما كان موعوظا بترك البخس وهو لو بخس لم يصدق عليه ومنه أيضا قوله تعالى (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) دل ذلك على أن الشاهد إذا كتم أو أظهر كان المرجع إلى قوله فيما كتم وفيما أظهر لدلالة وعظه إياه بترك الكتمان على قبول قوله فيها وذلك كله أصل في أن كل من اؤتمن على شيء فالقول قوله فيه كالمودع إذا قال قد ضاعت الوديعة أو قد رددتها وكالمضارب والمستأجر وسائر المأمونين على الحقوق ولذلك قلنا إن قوله تعالى (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) ثم قوله تعالى عطفا عليه (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) فيه دلالة على أن الرهن ليس بأمانة لأنه لو كان أمانة لما عطف الأمانة عليه إذ كان الشيء لا يعطف على نفسه وإنما يعطف على غيره ومن الناس من يقول إن قوله تعالى (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) إنما هو مقصور الحكم على الحبل دون الحيض لأن الدم إنما يكون حيضا إذا سال ولا يكون حيضا وهو في الرحم لأن الحيض هو حكم يتعلق بالدم الخارج فما دام في الرحم فلا حكم له ولا معنى لاعتباره ولا ائتمان المرأة عليه قال أبو بكر هذا صحيح إذ الدم لا يكون حيضا إلا بعد خروجه من الرحم ولكن دلالة الآية قائمة على ما ذكرنا وذلك لأن وقت الحيض إنما يرجع فيه إلى قولها إذ ليس كل دم سائل حيضا وإنما يكون حيضا بأسباب أخر نحو الوقت والعادة وبراءة الرحم عن الحبل وإذا كان كذلك وكانت هذه الأمور إنما تعلم من جهتها فهي إذا قالت قد حضت ثلاث حيض فالقول قولها بمقتضى الآية وكذلك إذا قالت لم أرد ما ولم تنقض عدتي فالقول قولها وكذلك إذا قالت قد أسقطت سقطا قد استبان خلقه وانقضت عدتي فالقول قولها وإنما التصديق متعلق بحيض قد وجد ودم قد
«٥ ـ أحكام في»