رجعته لأنه لا يجوز أن يقال راجع امرأته ولم يطلقها إذ كانت الرجعة لا تكون إلا بعد الطلاق ولو صح ما روى أنه لم يره شيئا كان معناه أنه لم يبنها منه بذلك الطلاق ولم تقع الزوجية* قوله تعالى (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) قال أبو بكر لما كانت الفاء للتعقيب وقال (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) اقتضى ذلك كون الإمساك المذكور بعد الطلاق وهذا الإمساك إنما هو الرجعة لأنه ضد الطلاق وقد كان وقوع الطلاق موجبة التفرقة عند انقضاء العدة فسمى الله الرجعة إمساكا لبقاء النكاح بها بعد مضى ثلاث حيض ورفع حكم البينونة المتعلقة بانقضاء العدة وإنما أباح له إمساكها على وصف وهو أن يكون بمعروف وهو وقوعه على وجه يحسن ويجمل فلا يقصد به ضرارها على ما ذكره في قوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) وإنما أباح له الرجعة على هذه الشريطة ومتى أرجع بغير معروف كان عاصيا فالرجعة صحيحة بدلالة قوله تعالى (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) فلولا صحة الرجعة لما كان لنفسه ظالما بها وفي قوله تعالى (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) دلالة على وقوع الرجعة بالجماع لأن الإمساك على النكاح إنما هو الجماع وتوابعه من اللمس والقبلة ونحوها والدليل عليه أن من يحرم عليه جماعها تحريما مؤبدا لا يصح له عقد النكاح عليها فدل ذلك على أن الإمساك على النكاح مختص بالجماع فيكون بالجماع ممسكا لها وكذلك اللمس والقبلة للشهوة والنظر إلى الفرج بشهوة إذ كانت صحة عقد النكاح مختصة باستباحة هذه الأشياء فمتى فعل شيئا من ذلك كان ممسكا لها بعموم قوله تعالى (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) وأما قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) فقد قيل فيه وجهان أحدهما أن المراد به الثالثة وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حديث غير ثابت من طريق النقل ويرده الظاهر أيضا وهو ما حدثنا عبد الله بن إسحاق المروزى قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع الجرجانى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن إسماعيل بن سميع عن أبى رزين قال قال رجل يا رسول الله أسمع الله يقول (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) فأين الثالثة قال التسريح بإحسان وقد روى عن جماعة من السلف منهم السدى والضحاك أنه تركها حتى تنقضي عدتها وهذا التأويل أصح إذ لم يكن الخبر المروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك ثابتا وذلك من وجوه أحدها أن سائر المواضع الذي ذكره الله فيها عقيب الطلاق الإمساك والفراق فإنما أراد به ترك الرجعة