اليوم على أثر أعمالهم ، وفي غد يتجلى هذا العذاب بوضوح ويكون محسوسا ظاهرا.
وعلى كل حال فذكره لإحاطة العذاب (مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) وعدم ذكره لبقية الجهات ـ في الحقيقة ـ هو لوضوح المطلب ، وإضافة إلى ذلك فإن نار العذاب إذا امتدت ألسنتها من تحت الأرجل ونزلت على الرؤوس ، فإنها تحيط بجميع البدن أيضا وتغشى جميع أطرافه وجوانبه.
وأساسا فإنّ هذا التعبير مستعمل في اللغة العربية ، إذ يقال مثلا : إن فلانا غارق من قرنه إلى قدمه في مستنقع الفسق وعدم العفة ، أى إن جميع وجوده غارق في هذا الذنب ، وبهذا يرتفع الإشكال عند المفسّرين في ذكر القرآن للجهة العليا «من فوقهم» والجهة السفلى «من تحتهم» والسكوت عن الجهات الأربع الأخرى ، ويتّضح المراد منه بالتقرير الذي بيّناه!
أمّا جملة (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) التي يظهر أن قائلها هو الله تعالى ، فهي بالإضافة إلى أنّها نوع من العقوبة النفسية لمثل هؤلاء الأشخاص ، فهي كاشفة عن هذه الحقيقة ، وهي أن عذاب الله ليس إلّا انعكاسا للأعمال التي يقوم بها الإنسان نفسه في النشأة الآخرة!.
* * *
ملاحظات
١ ـ دلائل إعجاز القرآن :
لا شك أنّ القرآن أعظم معجزة للإسلام ... معجزة بليغة ، خالدة وباقية ، مناسبة لكل عصر وزمان ولجميع الطبقات الاجتماعية ، وقد ذكرنا بحثا مفصلا عن إعجاز القرآن في ذيل الآية ٢٣ من سورة البقرة ، ولا حاجة إلى إعادته هنا.