شأن المبدأ والمعاد بهذه الصورة ، فيقول : هل أنّ أصنامكم أفضل ، (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) .. فهل بعد ذلك تعتقدون بوجود معبود غير الله (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)؟!
وفي الواقع فإن الآيات المتقدمة كلها كانت تتكلم على المبدأ ، وايات عظمة الله في عالم الخلق والوجود ، ومواهبه ونعمه ، إلّا أنّه في الآية الأخيرة ينتقل البحث من معبر ظريف إلى مسألة المعاد ، لأنّ بداية الخلق نفسها دليل على تحققها ، والقدرة على بداية الخلق تعد دليلا واضحا على المعاد.
ومن هنا يتّضح الجواب على السؤال الذي يثيره كثير من المفسّرين ، وهو أن المشركين المخاطبين بهذه الآيات أغلبهم لم يعتقدوا بالمعاد «المعاد الجسماني» فكيف يمكن أن يوجه إليهم هذا السؤال مع هذه الحال ويطلب منهم الإقرار.
فالجواب عليه أن هذا السؤال مقرون بدليل يسوق الطرف الآخر للإقرار ، لأنّه باعترافهم أن بداية الخلق من الله ، وهذه المواهب والنعم كلّها منه ، لكي تقبل عقولهم إمكان المعاد والرجوع الى الحياة في يوم القيامة مرّة أخرى.
والمراد من (الرزق السماوي) هو الغيث ونور الشمس وأمثال ذلك ، أمّا (الرزق الارضي) فالنباتات والمواد الغذائية المختلفة التي تنمو على الأرض مباشرة ، أو عن طريق غير مباشر كالأنعام والمعادن والمواد المختلفة التي يتمتع بها الإنسان في حياته!.
* * *
بحوث
١ ـ من المضطر الذي يجاب إذا دعاه؟
مع أنّ الله ـ يجيب دعاء الجميع عند تحقق شروط الدعاء ، إلّا أنّ في الآيات آنفة الذكر اهتماما بالمضطر ، وذلك لأنّ من شروط إجابة الدعاء أن يغمض