الإنسان عينيه عن عالم الأسباب كليّا ، وأن يجعل قلبه وروحه بين يدي رحمة الله ، وأن يرى كل شيء منه وله! وأن حل كل معضلة بيده ، وهذه النظرة وهذا الإدراك إنّما يتحققان في حال الاضطرار.
وصحيح أنّ العالم هو عالم الأسباب والمسببات ، والمؤمن يبذل منتهى سعيه وجهده في هذا الشأن ... إلّا أنّه لا يضيع في عالم الأسباب أبدا ... ويرى كل شيء من بركات ذاته المقدسة ، ويرى من وراء الحجاب ببصره النافذ «مسبب الأسباب» فيطلب منه ما شاء!.
أجل ، إذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة ، فإنه يوفّر لنفسه أهم شرط لإجابة الدعاء.
الطريف أنّه قد ورد في بعض الرّوايات تفسير هذه الآية بقيام المهدي صلوات الله وسلامه عليه!
ففي رواية عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «والله لكأنّي أنظر إلى القائم وقد أسند ظهره إلى الحجر ثمّ ينشد الله حقّه ... قال والله هو المضطر في كتاب الله في قوله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ)» (١)!
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «نزلت في القائم من آل محمّد عليهمالسلام هو والله المضطر إذا صلى في المقام ركعتين ودعا الله عزوجل فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض» (٢).
ولا شك أن هذا التّفسير ـ كما رأينا نظائره الكثيرة ـ لا يحصر المراد من هذه الآية بالمهدي عليهالسلام ، بل مفهوم الآية واسع ، والمهدي عليهالسلام واحد من مصاديقها الجليّة ... إذ الأبواب في زمانه موصدة ، والفساد عمّ البسيطة ، والبشرية في طريق
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٩٤.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٤ ، ص ٩٤.