الشيوعيون الذين ينفون الدين كليّا ـ بحسب الظاهر ـ ويعتقدون أن الدين مرتبط بالتأريخ القديم ، ولا يمكن أن يكون له مكان في المجتمعات الشيوعية .. أجل ، إن هؤلاء أنفسهم قد قبلوا بالدين بشكل آخر عن طريق العقل الباطني «واللاوعي».
فهم يقدّسون زعماءهم وقادتهم بالنظرة التي ينظرها المصريون القدماء أوثانهم ، وصفوفهم الطويلة عند جسد «لينين» لزيارته هي شاهد آخر على هذا الموضوع أيضا.
وهم عادة يعتبرون الأصول الماركسية كوحي السماء لا تقبل النقد والخدش ، فهي مقدّسة عندهم ، ويتصورون أن ماركس ولينين وانجلس كالمعصومين من الأخطاء والسهو ، ويعدون مراجعة العقل لاتخاذ موقف جديد من هذه الأصول ذنبا لا يغتفر أبدا .. ويخاطبون مخالفيهم بتعبيرنا الديني على أنّهم «مرتدون» وعلى هذا فهم يعتقدون بكثير من المفاهيم والمسائل الدينية ، غاية ما في الأمر هو أن تفكير هم نوع من الفكر الديني في شكل منحرف!
٢ ـ فطرة التوحيد في الأحاديث الإسلامية
موضوع «معرفة الله الفطرية» لم يختص به القرآن الكريم فحسب ، بل هو وارد في الأحاديث الإسلامية بشكل يسترعي الانتباه ، حيث أن بعضها يؤكّد على التوحيد بالفطرة ، وبعضها يؤكّد على المعرفة ، وقسم يتناول الفطرة «على الإسلام» وأخيرا فإن قسما منها تناول عنوان الولاية أيضا.
ففي حديث معتبر يرويه المحدث الكبير الشيخ الكليني في أصول الكافي ، وهو ما نقله
عن هشام بن سالم ، قال : سألت الإمام الصادق عليهالسلام : ما المراد من قوله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ...) فقال «هي التوحيد» (١).
كما ورد في الكافي نفسه نقلا عن بعض أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام أيضا
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٠ ، باب «فطرة الخلق على التوحيد».