التّفسير
أفضل الوصايا بالنسبة للوالدين :
إنّ واحدا من أهم الامتحانات الإلهية ، هي مسألة «التضاد» بين خط الإيمان والتقوى وبين علاقة العاطفية والقرابة .. والقرآن في هذا المجال ـ يوضح وظيفة المسلمين بجلاء!
في البداية يتحدث عن قانون كلّي يستمد من جذور العواطف الإنسانية وردّ الجميل فيقول : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ).
وبالرغم من أنّ هذا حكم تشريعي ، ولكن هذه المسألة قبل أن تكون «لازما» تشريعيا ، لها وجود في فطرة الإنسان بشكل قانون تكويني. وخاصّة أن التعبير بـ «الإنسان» هنا يلفت النظر .. فهذا القانون لا يختصّ بالمؤمنين ، بل كلّ من كان جديرا بأن يحمل اسم الإنسان ينبغي أن يكون عارفا بحق الأبوين ... وأن لا ينسى تكريمهما واحترامهما والإحسان إليهما طيلة عمره .. وإن كان كل ذلك لا يفي بحقوقهما!.
بعد ذلك ، ومن أجل أن لا يتبادر إلى الذهن أنّ العلاقة العاطفية بالوالدين يمكن أن تكون حاكمة على العلاقة بين الإنسان وربّه وإيمانه ، يأتي استثناء صريح ـ ليوضّح هذا الموضوع في الآية ، فيقول تعالى : (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).
والتعبير بـ (جاهَداكَ) مفهومه بذل قصارى جهدهما وإصرارهما ومنتهى سعيهما للحيلولة بين الولد وبين الإيمان بالله.
والتعبير بـ (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) إشارة إلى عدم منطقية الشرك ، لأنّ الشرك لو كان صحيحا واقعا لكان عليه دليل بيّن.
وبتعبير آخر : متى ما لم يعلم الإنسان بشيء فلا ينبغي أن يتبعه فكيف إذا كان يعلم ببطلانه؟