فهذا الاتباع هو اتّباع للجهل ، فلو أن الوالدين أمراك باتباع الجهل فلا تطعهما.
وأساسا فإنّ التقليد الأعمى خطأ حتى ولو كان في مورد الإيمان ، فكيف إذا كان هذا التقليد للكفر والشرك!.
وهذه الوصية وردت ـ أيضا ـ في سورة لقمان مع اضافة (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) فمع عدم قبول دعوتهما للشرك ، ينبغي عليك احترامهما والإحسان إليهما والارفاق بهما.
ولا ينبغي أن يتصور أحد أن وجوب مخالفة الأبوين فيما لو دعوا ولديهما الى الشرك دليل على جواز الاساءة لهما ، فهذا يؤكّد منتهى تأكيد الإسلام على احترام الأبوين.
وبهذا ـ يستفاد من هذا المنطلق أصل كلي : أي إن شيئا لا يمكن أن يكون حاكما على علاقة الإنسان بالله ، لأنّها مقدمة على كل شيء ، حتى على علاقته بأبويه التي هي أقرب العلائق إليه.
والحديث المعروف «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (١) ... الذي نقل عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام يعطينا معيارا واضحا لهذه المسائل!.
ثمّ يضيف تعالى في نهاية الآية (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وأجازيكم دون غمط ونقص في الثواب أو العقاب.
وهذه الجملة ـ في الحقيقة تهديد لأولئك الذين يسيرون في طريق الشرك ، والذين يدعون الآخرين إلى هذا الطريق .. لأنّها تقول بصراحة : إنّ الله يرى أعمالكم ويحفظهما ثمّ يعيدها إليكم «في معادكم».
والآية التي بعدها تؤكّد الحقيقة في أولئك المؤمنين الذين يعملون الصالحات ، وتكرر هذا المضمون أيضا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ـ الجملة ١٦٥.