الدماء!
د ـ ويستفاد من هذه القضية ضمنا أن المناهج التشاورية لا تنتهي إلى الحق دائما ... إذ كانت عقيدة الأكثرية هنا أن يلجأ وإلى القوّة والقتال في حين أن ملكة سبأ كانت ترى خلاف نظرتهم ، وسنرى أن الحق كان معها في نهاية القصّة!
ه ـ ويمكن أن يقال : إنّ هذا النوع من التشاور أو المشورة غير ما هو جار بيننا اليوم من التشاور ... فنحن نأخذ برأي الأكثرية على أنّه هو المعيار ، ونعطيهم حق التصويت والتصويب. في حين أن التشاور محل البحث هو مجرّد إبداء النظر من قبل الأكثرية ، والرأي الحاسم لقائد تلك الجماعة ... ولعل الآية (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (١) تشير إلى هذا القسم الثّاني من التشاور. أمّا الآية الكريمة (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) (٢) فناظرة إلى القسم الأوّل (٣).
وـ قال أصحاب ملكة سبأ لها (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) ولعل هذا الاختلاف بين «القوة» و «البأس» في التعبير ، هو أنّ «القوة» إشارة إلى الكمية العظيمة من الجيش ... و «البأس الشديد» إشارة إلى كيفية العمل وروح الشجاعة والشهامة في الجيش ، أي أن مرادهم أنّهم مستعدون للقتال من الناحية «الكمية» ومن حيث «الكيفية» لمواجهة العدو أيضا.
٤ ـ علامات الملوك
يستفاد من هذه الآيات ـ بصورة جيدة ـ أن الحكومة الاستبدادية والسلطنة في كل مكان مدعاة للفساد وإذلال الأعزة ... لأنّ الملوك يبعدون عنهم
__________________
(١) آل عمران ، الآية ١٥٩.
(٢) الشورى ، الآية ٣٨.
(٣) لمزيد الإيضاح في موضوع الشورى يراجع تفسير الآية (١٥٩) من سورة آل عمران.