متواترا ففي أيّ شيء يمكن دعوى التواتر (١)؟!
٤ ـ فلسفة الرجعة!
إنّ أهم سؤال يثار في هذا الصدد ، هو : ما الهدف من الرجعة قبل يوم القيامة؟! ومع ملاحظة ما يستفاد من الرّوايات الإسلامية من أنّ هذا الموضوع ليس عامّا بل يختصّ بالمؤمنين الخلّص الذين هم في مرحلة عالية من الإيمان ، والكفار والطغاة الظلمة الذين هم في مرحلة منحطة من الكفر والظلم .. فيبدو أن الرجعة لهاتين الطائفتين للدنيا ثانية هي من أجل إكمال الطائفة الأولى حلقتها التكاملية ، وأن تذوق الطائفة الثّانية جزاءها الدنيوي.
وبتعبير آخر : إن الطائفة المؤمنة «خالصة الإيمان» الذين واجهوا الموانع والعوائق في مسير تكاملهم المعنوي في حياتهم ولم يتكاملوا الكمال اللائق باستعدادهم ، فإنّ حكمة الله تقتضي أن يتكاملوا عن طريق الرجعة لهذه الدنيا وأن يكونوا شهداء الحكومة العالميّة للحقّ والعدل ، وأن يساهموا في بناء هذه الحكومة ، لأنّ المساهمة في بناء مثل هذه الحكومة من أعظم الفخر!.
وعلى عكس الطائفة الآنفة الذكر ، هناك طائفة من المنافقين والجبابرة المعاندين ، ينبغي أن ينالوا جزاءهم الدنيوي بالإضافة إلى جزاءهم الأخروي ، كما ذاق ـ قوم فرعون وثمود وعاد وقوم لوط جزاءهم ـ ولا طريق لأن يذوقوا عذاب الدنيا إلّا بالرجعة!.
يقول الإمام الصادق عليهالسلام في بعض أحاديثه «إن الرجعة ليست بعامة ، وهي خاصّة ، لا يرجع الّا من محض الإيمان محضا ، أو محض الشرك محضا» (٢).
ولعل الآية (٩٥) من سورة الأنبياء (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٥٣ ، ص ١٢٢.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٥٣ ، ص ٣٩.