الرجال والا سورة في أيديهم ، وألبست الجواري تيجانا ... وكتبت في رسالتها إلى سليمان : لو كنت نبيّا فميّز الرجال من النساء!.
وبعثت أولئك على مراكب ثمينة ، ومعهم جواهر وأحجار كريمة ، وأوصت رسولها ـ في الضمن ـ أن أنظر كيف يواجهك سليمان عند وردك عليه ، فإن واجهك بالغضب فاعلم بأنه سيرة الملوك ، وإن واجهك بالمحبة واللطف فاعلم أنّه نبيّ.
* * *
بحوث
١ ـ آداب كتابة الرسائل
ما ورد في الآيات آنفة الذكر في شأن كتاب «سليمان» إلى أهل سبأ ، هو قدوة لكتابة الرسائل و «الكتب» وقد تكون من المسائل المهمّة والمصيرية ... إذ تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وتبيّن روح الكلام في جملتين مدروستين.
ويظهر من التاريخ الإسلامي والرّوايات ـ بشكل واضح ـ أن أئمتنا الكرام عليهم الصلاة والسّلام ، كانوا يعنون بالاختصار والاقتضاب في إرسال الكتاب خاليا من الحشو والزوائد ، وهو مدروس أيضا.
فأمير المؤمنين عليهالسلام يكتب إلى عماله وممثليه في بعض كتبه : «أدقوا أقلامكم ، وقاربوا بين سطوركم ، واحذفوا عنّي فضولكم ، واقصدوا قصد المعاني ، وإيّاكم والإكثار ، فإن أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار» (١).
إن بري لسان القلم يجعل الكلمات أصغر ، وتقارب السطور وحذف الفضول ، لا يؤدي إلى الاقتصاد في الأموال العامة أو الشخصية فحسب ـ بل يقتصد في وقت الكاتب والقارئ أيضا ... وقد يضيع الفضول والتشريفات
__________________
(١) الخصال ـ للصدوق ، طبقا لما جاء في البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٩.