بعضهم العقل هو الأصل الأوّل ، وهو الأصل للكتاب وللسنّة ، وقد شذّ النظّام وأتباعه فأسقطوا السنّة بالكامل (١).
وعلى هذا اتّسعت دائرة التأويل عند المعتزلة ، ولم يقفوا عند ما يدلّ على التحيّز والانفعال ، بل تعدّوا ذلك حتّى إلى الصفات الثبوتيه ، كالعالم ، القادر ، الحي ، السميع ، البصير ، وقالوا : ليس لهذه الصفات معنى أكثر من الوصف ، وهو قول القائل بأنّ الله عالم ، قادر... وأنّه ليس هناك صفات على الحقيقة هي العلم والقدرة والحياة.. وإنّما الصفات كلمات ملفوظة أو مكتوبة (٢).
ولأجل مقولتهم هذه عُرفوا بالمعطّلة لأنهم عطّلوا جميع الصفات حتّى الثبوتية منها.
وأوّل من قال بهذا : الجهم بن صفوان ، وتابعه واصل بن عطاء مؤسّس هذه الفرقة « المعتزلة » ـ فأصبح المعطّلة كلّهم ينتسبون إلى الجهم بن صفوان ، فيقال : « الجهيمة » كما يقال : « المعطّلة ».
وعقيدتهم بأنّ الصفات كلمات ملفوظة نتج عنها اعتقادهم بأنّ الله تعالى كان في الأزل بلا صفة ولا اسم من أسمائه وصفاته العليا ، إذ ليس هناك ألفاظ وكلمات في الأزل ، لأنّ الله تعالى لا يجوز أن يصف نفسه في الأزل.. من هنا أصبح كلامه تعالى مخلوقاً له كسائر المخلوقات.. ومن هنا ظهرت مقولة « أنّ القرآن مخلوق » التي دار حولها نزاع كثير جرّ إلى سفك دماءٍ كثيرةٍ وتعذيبٍ
_____________
(١) راجع : أصول العقيدة بين المعتزلة والشيعة الإمامية / د. عائشة يوسف المناعي : ٨٤ ـ ٩٣ ، وفي كلام الدكتورة نظر ، إذ لا يمكن نسبة النظام إلى الإسلام بحال فيما لو حُكم بإسقاط السنّة مطلقاً.
(٢) اُصول العقيدة بين المعتزلة والشيعة الإمامية : ١٤٦.