فلمّا رفض ما طلبوه منه اعتزلوه..
إذن كان بمقدور اُولئك أن يطلقوا على زيد الشهيد وأتباعه اسم « الرافضة » ! لكنّ الذي حصل هو العكس تماماً ، فإنّ زيداً وأتباعه هم الذين أطلقوا على اُولئك هذا الاسم ليثبت علماً عليهم فلا يُعرفون إلّا به !
والسبب في ذلك واضح ، وهو أنّ زيداً وأتباعه كانوا هم أصحاب الرأي الغالب وأصحاب الثورة التي استمرّت بعد تخاذل اُولئك وانسحابهم من الميدان.
ولا يفهم من هذا أنّنا ندين زيداً الشهيد ، معاذ الله ، وإنّما نسجّل تلك الواقعة التي أفرزت طائفةً جديدةً واسماً جديداً ، نسجّلها كما هي.
ـ والمذكور آنفاً في أصل الرافضة هو المشتهر بين أصحاب الفِرق (١) وبعض أصحاب التاريخ (٢) ، لكنّه لا يصمد للتحقيق رغم شهرته ، وكم من مشهورٍ لا أصل له !!
فالرفض مصطلح سياسي يراد به مخالفة الحاكم وترك طاعته ، وأصحاب هذا الموقف يسمّون : « الرافضة ».
قال ابن منظور : الروافض جنود تركوا قائدهم وانصرفوا ، فكلّ طائفة منهم
_____________
(١) الفَرق بين الفِرق / البغدادي : ٢٥ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ، الملل والنحل ١ : ١٣٩ ، منهاج السنّة ١ : ٨.
(٢) تاريخ الطبري ٧ : ١٨٠ ـ ١٨١ ـ دار التراث ـ بيروت ـ ١٩٦٧ م ، الكامل في التاريخ / ابن الأثير ٥ : ٢٤٢ ـ ٢٤٣ ـ دار صادر ـ بيروت ـ ١٩٨٢ م ، تاريخ ابن خلدون ٣ : ١٢٤ ـ تحقيق الاستاذين : خليل شحادة وسهيل زكار ، البداية والنهاية / ابن كثير ٩ : ٣٦١ ـ دار إحياء التراث العربي ـ ١٤١٣ هـ.