بعدالته ، بل قد يُتّهم بالكذب والغش والخيانة والزنا ، ويعزّر ويقام عليه الحدّ ، وتردّ أحاديثه ، ويكذَّب عليها ، لا يختلفون في ذلك كلّه قيد شعرة وتاريخهم ثابت فيه ، وعليه سائر المسلمين.. خالف فيه أهل « الجماعة » وقالوا بعدالة الصحابي ، ذلك المبدأ الذي روج له الاُمويّون ، وكان من أحسن ما نفعهم من مبادئ ابتدعوها !
ولما كان إجماع الصحابة وعلماء الطبقة الاُولى من التابعين على تسطيح القبور ، وقال به كثير من المسلمين ، خالف فيه « أهل السنّة والجماعة » لحديث سفيان التّمار ، وهو من رجال العهد الاُموي ، لم يدرك أحداً من الصحابة بل حدّث عن التابعين من طبقة محمّد بن الحنفية وسعيد بن جبير وعكرمة (١) ، فهو أوّل من روى تسنيم القبور ، فقال البيهقي في التوفيق بين حديث سفيان والأحاديث المتقدّمة عليه الصريحة بالتسطيح ، ما نصّه : « فكأنّه ـ أي قبر النبي صلىاللهعليهوآله ـ غُيّر عما كان عليه في القديم ! فقد سقط جداره في زمن الوليد بن عبد الملك وقيل في زمن عمر بن عبد العزيز ، ثمّ اُصلح » فالتسنيم إذن اُمويّ الميلاد ، أمّا علّته فهي في آخر كلام البيهقي إذ واصل يقول : « وحديث القاسم بن محمّد ـ في التسطيح ـ أصحّ وأولى أن يكون محفوظاً ، إلّا أنّ بعض أهل العلم من أصحابنا استحبّ التسنيم في هذا الزمان لكونه جائزاً بالإجماع ، وأنّ التسطيح صار شعاراً لأهل البدع » (٢) ! وأهل البدع هنا مصطلح جامع لمن لم يخضع للولاء
_____________
(١) اُنظر : تهذيب الكمال / المزّي : ١٤٣ ـ ١٤٤ ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٩٨٥ م.
(٢) السنن الكبرى / البيهقي ٤ : ٣ ـ ٤ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٩٩١ م.