الاُموي معتقداً صحّته ، وفي طليعتهم الاُمّة المتمسّكة بالولاء لآل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والذين تميّزوا باسم « الشيعة » وأطلق عليهم التاريخ لقب الرافضة ! تُرى كيف أصبحت السنّة الصحيحة شعاراً لأهل البدع دون « أهل السنّة والجماعة » ؟!
ومثل ذلك يقال مع صيغة الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله إذا ذُكر ، فقد أصبحت الصلاة المسنونة شعاراً « لأهل البدع » !.. والصلاة البتراء التي حُذف منها « آل محمّد » شعار « لأهل الجماعة » تأثّراً بالنزعة الاُمويه.. وأمثلة هذا الباب كثيرة تصلح وحدها موضوعاً لدراسة مستقلّة.
ـ أما لفظ « السنّة » فلم يظهر مقروناً بلفظ « الجماعة » في بادئ الأمر ، وإن كان ظهوره بمفرده أولاً في العهد الاُموي أيضاً للتمييز بين المنتظمين في سلك « الجماعة » وبين الآخرين الذين ما زالوا يؤمنون بقداسة الدين التي تأبى أن يكون رجال بني اُمية هؤلاء زعماء له ناطقين باسمه ، فإذا قيل « أهل السنّة » فإنّما يراد بهم أهل الطاعة و « الجماعة » أنفسهم ، وأما الآخرون فهم أهل البدَع.. ولعلّ أوّل ظهور لهذا التقسيم هو الذي جاء في حديث ابن سيرين ـ المتوفّى سنة ١١٠ هـ ـ القائل : « كانوا لا يسألون عن الإسناد حتّى وقعت الفتنة ، فلمّا وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ، ليُحدَّث حديث أهل السنّة ويُترك حديث أهل البدعة » (١).
وابن سيرين هذا لم يكن له ذكر في القرّاء الذين نهضوا على الحجّاج سنة
_____________
(١) صحيح مسلم ـ المقدّمة ـ باب ٥ ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ١٩٧٨ م ، الكفاية في علم الرواية / الخطيب البغدادي : ١٢٢ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٩٨٨ م ، واُنظر : أهل السنّة والجماعة معالم الانطلاقة الكبري : ٥٩.