٨٢ هـ (١).. وقد ذكروا في ترجمته بأنه كان لا يعيب على السلاطين شيئاً رغم ابتعاده عنهم (٢).. فمن هم أهل البدع عنده ؟
لقد وجدناه يقول في معاوية بن أبي سفيان : « كان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله » (٣). فهل كان معاوية في من يُستثني من أهل البدع ، أم أنّه عنده من أهل السنّة ؟
إنّ الميزان الذي وضعوه لتمييز البدعة من السنّة هو الواقع التاريخي للخلافة والثقافة التي أفرزها ، فلم يكن لعنُ عليّ والحسن والحسين عليهمالسلام والبراءة منهم بدعة ، لكن تفضيل عليّ على عثمان وحده بدعةً !!
فليس معاوية وحده مستثنى ، بل عقيدته هذه كلّها ليست ممّا يخدش في السنّة ! وغداً سوف يأتي « خليفة » آخر أشدّ عداءً لآل رسول الله صلىاللهعليهوآله من معاوية فلا يمنع ذلك من أن يسمّى « ناصر السنّة » ذلك هو المتوكّل العباسي.. قيل فيه ذلك لأنّه وضع حدّاً للمعتزلة الذين كانوا يمتحنون الناس على القول بخلق القرآن ، ونَصر الإمام أحمد بن حنبل وأفرج عنه وانتصر لعقيدته ، فكان أحمد قد سُمّي « إمام السنة » لصبره على تلك المحنة (٤) ، وقالوا في المتوكّل : أظهر السنّة وتكلّم بها في مجلسه وكتب إلى الآفاق برفع المحنة وبسط السنّة ونصر أهلها.. (٥)
_____________
(١) اُنظر : تاريخ خليفة بن خياط : ٢٢١ ـ دار الفكر ـ بيروت ـ ١٩٩٣ م.
(٢) سير أعلام النبلاء / الذهبي ٤ : ٦١٥ ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ١٩٨٥ م.
(٣) سير أعلام النبلاء ٤ : ٦١٢.
(٤) أهل السنّة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى : ٥٧ عن ابن تيمية في ( منهاج السنّة ).
(٥) تاريخ خليفة بن خياط : ٤٧٨ ، سير أعلام النبلاء ١٢ : ٣١.