مسّوا ببعضها مسّاً خفيفاً أو غمزوها غمزاً لطيفاً (١) ، فيما يعدّ هذا في نظر (الوهابية) أمراً منكراً في غاية النكارة.. ولقد جاوز الوهابيون الحدّ في التطرّف حتّى أكفروا كافّة المسلمين ولم يستثنوا أحداً وراء دائرتهم الضيّقة دائرة الظلّ التامّ ، واستباحوا الدماء والأعراض والأموال ، وجاوزوا في ذلك القولَ إلى العمل في سلسلة من الحروب خاضوها مع المدائن الإسلامية المحيطة بهم في الحجاز وجنوب العراق (٢).
والاتجاهان معاً : السلفية ، ابتداءً من القاضي أبي يعلى الحنبلي المتوفّى سنة ٤٥٨ هـ ، وابن الزاغوني المتوفّى سنة ٥٢٧ هـ ، مروراً بابن تيمية المتوفى سنة ٧٢٨ هـ ، وابن قيم الجوزية المتوفى سنة ٧٥١ هـ ، وانتهاءً برجالهم المعاصرين.. والوهابية ، ابتداءً بمؤسسها محمّد بن عبد الوهاب المتوفّى سنة ١٢٠٦ هـ ، وانتهاءً برجالهم المعاصرين ، امتازوا جميعاً بعقائد مشتركة نسبوها إلى السَلَف مجازفةً ، ولم يكن لهم فيها سَلَف صدق ، حتّى كثر النقد عليهم في ذلك ، ويكفي ما قاله ابن التميم الحنبلي في أول رجالهم أبي يعلى : وعقيدته في الصفات « لقد خَرَّى أبو يعلى الفرّاء على الحنابلة خَرْيَةً لا يغسلها الماء » ! (٣).
قال ذلك فقهاء الحنابلة أنفسهم ، وفي ابن الزاغوني قالوا : « إنّ في قوله من
_____________
(١) اُنظر مثلاً : سلسلة الأحاديث الصحيحة / ناصر الدين الألباني ٤ : ٣٤٤ ، ٤٠٠ ـ المكتب الإسلامي ـ ١٩٨٥ م.
(٢) اُنظر : صفحات من تاريخ الجزيرة العربية / محمد عوض الخطيب : ١٦٧ ـ ٢٠٣ ط ١ ، مركز الغدير ، بيروت / ١٩٩٥ م.
(٣) تاريخ أبي الفداء الدمشقي ١ : ٥٤٤ في حوادث سنة / ٤٥٨ هـ ، وهذه العبارة حرّفها أبو زهرة في تاريخ المذاهب الإسلامية : ٣٢٤ ، فأوردها بلفظ : « لقد شان أبو يعلى الحنابلة شيناً لا يغسله ماء البحر » !