قال الراشدي ـ وهو محقّق إباضي ـ : لكنّ طغيان هذا اللقب عليهم جاء من خصومهم الاُمويين ومن جرى مجراهم.. فارتضوه لأنّهم لم يجدوا عيباً فيه ، بعكس كلمة « الخوارج » وإنْ أطلقها ـ أي كلمة الخوارج ـ المؤرّخون الإباضيون القدامى على أنفسهم في بادئ الأمر ، فإنّهم يعنون الخروج على الجور وهو الخروج في سبيل الله ، ويرادف الشراء عندهم (١).
وقال السيابي : هذه التسمية جاءتنا من مخالفينا ، فقبلناها غير متبرّمين منها (٢).
النشأة والتكوين : ينفي الإباضيّون صحّة نسبتهم إلى ابن إباض ، ويعدّونه واحداً من رؤسائهم فقط ، أما مبادئهم التي ميّزتهم فقد كانت قبل ابن إباض ، فقد أعلنها أولاً أبو بلال ، مرداس بن حدير ، وهو أحد المحكّمة الاُولى وممّن نجا من أصحاب النهروان ، وانفصل عن المارقة في البصرة ، قائلاً : « والله إنّ الصبر على هذا ـ يعني الظلم الاُموي ـ لعظيم.. وإنّ تجريد السيوف وإخافة السبيل لعظيم.. ولكنّنا ننتبذ عنهم ، ولا نجرّد سيفاً ، ولا نقاتل إلّا مَن قاتَلنا » (٣).
_____________
١٤٧ ـ ط ١ ـ ١٤١٣ هـ ، واُنظر : الإباضية عقيدة ومذهباً / د. صابر طعيمة : ٤٦ ـ دار الجيل ـ بيروت ـ ١٤٠٦ هـ فقد نقل مثل هذا عن المؤرّخ الإباضي علي يحيى بن معمر في كتابه / الإباضية بين الفرق الإسلامية : ٣٥٤ ـ مكتبة وهبة ـ القاهرة ـ ط ١ ـ ١٩٧٦ م.
(١) الإمام أبو عبيدة التميمي وفقهه / الراشدي : ١٤٧ ـ ١٤٨.
(٢) الفكر السياسي عند الإباضية / عدّون جهلان : ٣٦ ـ مكتبة الضامري ـ ط ٢ ـ سلطنة عمان ـ ١٤١١ هـ.
(٣) مصدر سابق / الراشدي : ٥٨٩ ، الكامل / المبرّد ٢ : ٢٠٢ ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٩٨٩ م.