وهذا هو المبدأ الذي ميّز هذه الطائفة عن غيرها من المارقة ، وهو الذي حفظ لها وجودها وبقاءها.
وقد روي عن أبي بلال اعتقاده هذا قبل انفصاله ، فحين بلغه أنّ قريب الأزدي وزحّاف الطائي يخيفان السبيل ويقتلان من صادفهما ، قال : « قُريب ، لا قرّبه الله ! وزحّاف ، لا عفا الله عنه ! ركباها عشواء مظلمة » (١).
وكان أصحاب مرداس أربعين رجلاً ، قتلوا جميعاً قبل ظهور ابن إباض ، فيكون ابن إباض هو الرجل الذي جدّد هذه الدعوة ، فنسبت إليه.
ـ أمّا مرجعهم في الفقه والاُصول والعقيدة فإلى جابر بن زيد بن أبي الشعثاء الأزدي (٢) ، وهو تابعيّ ، خرّج أحاديثه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة ، واتّفقوا على توثيقه ، وصرّح يحيى بن معين بنسبته إلى الإباضية ، لكن المزّي ذكر رواية تنسب إليه القول بالبراءة منهم ؛ قيل له : إن هؤلاء القوم ـ الإباضية ـ ينتحلونك. فقال : أبرأ إلى الله منهم ! (٣).
ـ أمّا مصدر هم المعتمد في السنن والأحكام ، فهو : مسند الربيع بن حبيب الأزدي البصري ، ويسمّونه « الجامع الصحيح » ويعتقدون بصحّة كلّ ما فيه سواء كان مسنداً أو مرسلاً ، وهو عندهم أصحّ كتاب بعد القرآن العزيز (٤).
_____________
(١) الكامل / المبرّد ٢ : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٢) الإمام أبو عبيدة وفقهه / الراشدي : ١٤٨ ، الفكر السياسي عند الإباضية / عدّون جهلان : ٣٢ ـ ٣٣.
(٣) اُنظر ترجمته في : تهذيب الكمال ٤ : ٤٣٦ ، تهذيب التهذيب ٢ : ٣٤.
(٤) الجامع الصحيح / عبد الله بن حمد السالمي ـ المقدمة / التنبيه الأول : ٢ ـ مكتبة مسقط ـ ط ١ ـ ١٤١٥ هـ.