استخدمت في سبيل دعمها وتمكينها أهي فكر السلطة ، أو سلطة الفكر وقوته ؟ وإذا كانت تلك التجارب بأسرها قد جعلت من الإسلام بكلّ مبادئه ومسلّماته مقياساً تقاس عليه الأشياء وميزاناً توزن به الأمور ، فلماذا نرى إذن في تلك الآراء (الإسلامية) مخالفات صريحة للإسلام في منعطفات شتّى ؟! أليس من الضرورة إذن معرفة القواعد التي انطلقت منها الشرارة الأولى لتلك المذاهب والفرق ، وفهم الأسس التي شيّدت عليها بنيانها ، والدائرة التي اتّسعت لحركتها ، والعوامل التي شاركت في استمرار وجودها أو عدمه ، وعلاقة ذلك بالحاكم سلباً أو إيجاباً ، ودور السلطة السياسية في توفير القوّة الفاعلة في إيجاد الخلاف المذهبي ، وإثارة الحقد الطائفي الذي بلغ من الخسّة والوضاعة درجة أفرزت قول بعضهم : آكل ذبيحة اليهودي وآكل ذبيحة المسلم من المذهب الفلاني ؟!! إنّ التفاوت المنظور بين المذاهب والفرق في النشأة والمعالم والمنهج والمحتوى يجب أن يكون محفّزاً قويّاً للمسلم على اكتشاف الأصلح منها ، وأمّا كيف يكون ذلك ، فبقياس درجة تقبّله فكر الآخر وسماعه وإن لم يكن صحيحاً في الواقع ، مع القدرة على التنازل عمّا يثبت له خطأ مذهبه بالدليل. ويمكن للحقيقة أن تنمو في عقيدته من خلال تجربته مع الحلول التي قدّمها مذهبه لمشاكل الأمّة في إطار عقيدتها بالإسلام فكراً وسلوكاً ومقارنتها بالحلول الإسلامية الأخرى ، فإذا ما رآه مثلاً يربّي أتباعه على انخفاض درجة الإرادة في مقاومة الحاكم الظالم ، وتسميته بولي الأمر مثلاً سيدرك إخفاقات المذهب من خلال تجربته مع تلك الحلول وتلمّس نتائجها الوخيمة على أرض الواقع. وهكذا سيدرك بأنّ تلك المذاهب والفرق لم تقدّم ـ كلّها ـ لاتّباعها مزيداً من الوعي الإسلامي بسبب ما أحدثته من تغيير ، وإنّ الضمانات التي قدّمتها لاتّباعها لم تكن