لفظ « المرجئة » إلى الرجاء من الكلام العامّي ! لأنّ الرجاء من رجا يرجو فهو راج ٍ، وأمّا المرجئ ، فهو من أرجأ يرجئ فهو مرجئ. فصوّب النسبة إلى التأخير بكلا وجهيه المذكورين ، إمّا من قولهم في أصحاب الذنوب « نرجئ أمرهم إلى الله » وإمّا من تأخير هم العمل عن الإيمان. قال : ولكن هذا صحيح من حيث اللغة فقط ، أمّا من حيث التأويل فالأمر مختلف.
وله هنا نقاش جميل ، خلاصته : أنّه إذا لزمهم لقب المرجئة لإرجاء أمرهم إلى الله ، فإنّ هذا القول قد قال به قوم من المعتزلة وقوم مالوا إلى التشيّع فإذن لزم هؤلاء جميعاً اسم الإرجاء.. لكن لا تعرف الأُمّة أحداً يقال له هذا شيعي مرجئ !
وأمّا القول بلزوم لقب الإرجاء لقولهم « الإيمان قول بلا عمل » فهو خطأ ، لأنّهم بقولهم هذا قد اسقطوا العمل ولم يؤخّروا رتبته عن الإيمان ، وإنّما يقال أرجأت الشيء : إذا أخّرته ، ولا يقال أرجأته بمعنى أسقطته.
ثمّ ينتهي إلى اختيار أنّ الإرجاء لقب لزم كلّ من فضّل أبا بكر وعمر على عليّ ، كما أنّ التشيّع قد لزم كلّ مَن فضّل عليّاً على أبي بكر وعمر.. قال : ويقال إنّ أوّل ما وضع اسم الارجاء وظهر وشاع لمّا افترق أصحاب عليّ بعد الحكمين فصار الناس ثلاث فرق : فرقة مع عليّ سُمّوا « الشيعة » فظهر اسم التشيّع ظهوراً شائعاً ، وفرقة خرجت عليه فسمّوا « المارقة » وظهر هذا اللقب عليهم ، وفرقة كانوا مع معاوية فسمّوا « المرجئة » وظهر اللقب عليهم واُعلن إعلاناً.
ثم قال : هذا ما يتعارفه الناس بينهم ظاهراً واتّفقت عليه الأُمّة.. فكثيراً ما يقال : مرجئ قدري ، شيعي قدري.. لكن لم نرَ أحداً يقال له هذا مرجئ شيعي ، أو مرجئ رافضي ، هذا محال جدّاً.