ويؤكّد اختياره بما رواه من شعر لشاعر قال إنّه مشهور ومن رواة الحديث اسمه محارب بن دثار ، يقول فيه :
يعيبُ عليَّ أقوامٌ شفاهاً |
|
بأنْ اُرجي أبا حسنٍ عليّا |
وإرجائي أبا حسنٍ صواب |
|
عل القطرين برّاً أو شقيّا |
وليس عليَّ في « الإرجاء » بأسٌ |
|
ولا شينٌ ولست أخاف شيّا |
ثمّ نقل بعد هذه الأبيات أبياتاً أخرى للسيد الحميري ، تثبت هذا المعنى ، يقول فيها :
خليليّ لا ترجيا واعلما |
|
بأنَّ الهدى غير ما تزعمانِ |
فإرجاء ذي الشك بعد اليقين |
|
وضعف البصيرة بعد البيانِ |
ضلال أزيلاهما عنكما |
|
فبئست لعمركما الخصلتانِ |
أيُرجى عليٌّ إمام الهدى |
|
وعثمان ، ما اعتدل المرجيانِ |
ويُرجى ابن هند وأحزابه |
|
وهوج الخوارج بالنهروانِ |
ويُرجى الأُلى نصروا نعثلاً |
|
بأعلى الخريبةِ والسامرانِ |
ثمّ قال : فهذا يصحّح أنّ الإرجاء هو تأخير عليّ وتقديم أبي بكر (١).
وهذا أجمل وأقوى ما أورده القدامى والمحدثون ، وله تأييد في قول أبي خلف الأشعري ، وقول الشهرستاني ، فهما يتّفقان على أنّ حقيقة الإرجاء الأولى إنّما هي تأخير رتبة عليّ عليهالسلام عن حقّها وتقديم أبي بكر وعمر وعثمان عليه.. فالمرجئة ـ على هذا ـ هم الطائفة التي لقّبت نفسها فيما بعد بلقب « الجماعة »
_____________
(١) كتاب الزينة / أحمد بن حمدان الرازي ، أبو حاتم : ٢٦٣ ـ ٢٦٦ ـ ملحق بكتاب الغلو والفرق الغالية للدكتور عبد الله سلّوم السامرائي ـ دار واسط للنشر ـ بغداد ـ ١٩٨٢ م.