و « أهل السنّة »..
وممّا يدلّ على أسبقية اسم المرجئة لهم ما ذكره أبو حاتم الرازي نفسه بعد نقله لشعر السيد الحميري بقوله : « وسمعت من يذكر ان النبي صلىاللهعليهوآله انما شبّه المرجئة باليهود.. ». والراجح أنّه من الأحاديث التي ظهرت بعد ظهور هذه الفرق.
ثمّ لما صارت الغلبة لأهل الإرجاء بزعامة ابن أبي سفيان أطلق على المرجئة اسم « الجماعة » ! فيما احتلّ الإرجاء موقعاً آخر حين أصبح يعبّر فقط عن الموقف من مرتكب الكبيرة !
وهذا منسجم جداً مع قانون أثر الغلبة في اختيار الأسماء وترويجها.
فلمّا ظهر التفسير الثاني للإرجاء ، أصبح مقابلاً للوعيد وليس مقابلاً للتشيّع ! فأصبح الوعيدية ـ المعتزلة ـ يطلقونه على من خالفهم في الوعيد ولم يقطع بتخليد مرتكب الكبيرة بالنار ، كما نقله عنهم الشهرستاني وهذا هو الذي يفسّر لنا نسبة الإرجاء إلى الحسن بن محمّد بن الحنيفة ، إذ عدّه بعضهم أوّل من تكلّم بالإرجاء وكتب به إلى الأمصار. فهو إن صحّ عنه ذلك يكون قد تكلّم بالإرجاء الأخير في مرتكب الكبيرة ، وليس بالإرجاء بمعناه الحقيقي الأوّل. وهذا ما اختاره الشيخ أبو زهرة ، وفيه تفنيد للرأي الذي يستدل من نسبة الحسن إلى الإرجاء على أنّه كان يقول بتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان على عليّ عليهالسلام (١) !
ومن الناحية الجامعة للأثرين : السياسي والعقيدي ، يتمّ تقسيم المرجئة
_____________
(١) وهو اختيار الدكتور محمّد عمارة.