فهو يعلم عملك وسيجازيك عليه ـ ولكن بعد حين ـ لأنه حليم لا يعجل ، فمن جهة يعطي الكافرين مهلة أطول ، ومن جهة أخرى يطلب من المؤمنين الصبر حتى يعلم صدق ايمانهم.
[٦٠] ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ
ذلك لان الذين خرجوا من ديارهم مهاجرين الى الله سوف يرجعون إليها فاتحين بإذنه ، فيقتلون أعداء الله وأعداءهم ، لأنهم تعرضوا للبغي ، والبغي هو ان تطالب بحقك المغصوب فلا تعطى إياه ، بل وأيضا تواجه بالقمع والإرهاب. إذ لا يجد غاصبوك سبيلا لاسكاتك الا بالقضاء عليك.
«ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ» اي مواجهة الاعدام بالاعدام .. مثلا بمثل ، «ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ» اي ظلم بعد أخذه لحقه المشروع (لينصرنه الله) في هذه الكلمة تأكيدان على تحقيق النصر ، أولهما يدل عليه لام التوكيد ، وثانيهما تعبر عنه نون التوكيد.
إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
عفوّ غفور عما تجاوزتم ، ودلالة عفوه وغفرانه نصره لكم.
استوحى بعض المفسرين من الآية فكرة هامة ان الصراع في الإسلام ليس قاعدة مطردة كما في النظرية الماركسية ، انما هو حالة اضطرارية ، فالإسلام يدعوك الى ان تضرب صفحا عمن يظلمونك أو يسلبون بعض حقوقك البسيطة ، اما حين يتعدى هؤلاء الحدّ في السلب والظلم ، آنئذ يجب عليك ان ترفع عقيرتك في وجوههم وتواجههم فيكون صراعك لا من أجل الصراع ذاته ، بل من أجل العدالة ، وحالما يعود إليك حقك آنئذ تقف عند هذا الحد. ومثل هذه الآية قوله تعالى :