ان الله هو الذي يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس لينقلوا شريعة الله ورسالته الى الناس ، ويقوما فيهم بأمره في الوقت الذي يحيط بهم سمعا وبصرا دون ان يستطيعوا التقول عليه سبحانه وإذا عرفنا الله معرفة حقيقية فان جوارحنا وجوانحنا تهفو الى عبادته قربة له ، لان من يعرف الله سبحانه يتصل بنوره ، ومن يتصل بنوره ينعكس ذلك على كيانه كله ، فيندفع الى مرضاة ربه بصورة عفوية.
فجوهر العبادة إذا المعرفة ، وإذا تمت المعرفة اتصلت روح الإنسان بنور الله ، وتحركت جوارحه في طاعة الله بصورة عفوية ، لذلك يأمرنا الله بالركوع والسجود وفعل الخير ، ثم يأمرنا بحمل رسالة السماء الى الحياة.
ان الإنسان الذي يجد حلاوة الايمان في قلبه ويعرف حقيقته وفوائده الجليلة ، ينبغي له ان يندفع في توجيه الآخرين الى الايمان ، وبيان فوائده ومنافعه لهم ، وكذلك يأمرنا سبحانه بالجهاد فيه حق الجهاد ، انك بقدر معرفتك بالله يكون جهادك وتضحيتك في سبيله ، لأنك كلما ضحيت في سبيله وأنت عارف به كلما شعرت بان تضحياتك أقل واحقر من مقام ربك الأعلى.
ثم يعدد ربنا سبحانه بعد ذلك نعمه علينا كمجتمع فيقول : ايها المسلمون أنتم مجتمع فاضل ، اختاركم الله لتحملوا رسالته الى الناس جميعا ، فيجب ان تكونوا كذلك «ان الدين يسر لا عسر» ، «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» ومن ثم فأنتم مجتمع قائد لسائر المجتمعات مثلما كان الرسول قائدكم وأخيرا فان مجتمعكم يحمل تجربة جهادية منذ عهد إبراهيم (ع) قبل خمسة آلاف عام أو أكثر حيث ابتدأ المسيرة التوحيدية الجديدة في العالم ، فعليكم ان تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتعتصموا بالله وتتمسكوا بحبلة. (كتاب الله ورسوله خلفائه بمعنى آخر شريعة الله وامام مؤيد من تلك الشريعة) وآنئذ تكونون قد اخلصتم عبادتكم لله ، مولاكم ونصيركم «نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ»