فلما ذا ـ إذا ـ لا يؤمن به أكثر الناس بالرغم من حرص أصحاب الرسالات على هدايتهم؟!
لأن القلوب مريضة ، والعيون مصابة ، وفي الأذان وقر ، إن ركام العقد ، وحجب الغفلة ، وسحب الكبر ، والغرور ، والسخرية لا تدع أنوار الحق تغمر القلوب.
وبالقرآن يعالج المؤمنون كل هذه الأمراض ، وموضوعات السورة هذه تصب في هذا المجرى .. كيف؟ بعد ان حدد الذكر ملامح التجمع المؤمن ، وبيّن انهم هم المفلحون ، ذكّرنا بنفسه ، من خلال آياته في خلق الإنسان ، أو ليس أساس الايمان معرفة الرب؟! ثم عدد نعمه علينا ، وكيف أنها تحيط بالإنسان ، وتهدينا الى ذلك التدبير الرشيد في الخلق ، ولكن أو ليست هذه الآيات ظاهرة ، وتشهد على وحدانية الرب ، من خلال وحدة التدبير؟! بلى. إذا لماذا يكفر أكثر الناس بربهم؟ لأنهم مستكبرون ، وكيف نعالج الاستكبار؟ انما بمعرفة عاقبة من استكبروا من قبل ، وقوم نوح أبرز شاهد ، حيث أغرقهم الله بالطوفان العظيم ، وحمل المؤمنين وحدهم في الفلك المشحون ، وهكذا عاد وثمود ، وقرون متمادية ، حيث أتبع الرب بعضهم بعضا ، وجعلهم أحاديث.
وهكذا استكبر الملأ من قوم فرعون لما ذكّرهم موسى ـ عليه السّلام ـ بربهم ، فأغرقهم الله في النيل ، ونجى بني إسرائيل من الغرق ، وانزل على موسى الكتاب فرقانا وضياء.
ان إنقاذ المؤمنين دليل رحمة الهية تخصهم ، بينما الشيطان يريد ان يغرينا بوساوسه التي منها ان الايمان يضر البشر. كلا .. فهذه مريم وابنها البارّ ، يؤويهما الرب الى ربوة ذات قرار معين ، ويأمر الأنبياء بان يأكلوا من الطيبات ، ويعملوا صالحا ، ويعبدوا ربهم الواحد ، ولا يتفرقوا شيعا. الا ان موقف الكفار من النعم ،