ولعل كل ذلك يخدم حالة التميّز المطلوبة بين المؤمن ، والمغوين الذين يسحرون الناس ، ولا يدعونهم يؤمنون بربهم الكريم.
ولا بد ان نحذر عاقبة هؤلاء الذين يندمون عند نزول الموت بهم ، ويطلبون العودة الى الحياة حتى يصححوا مسيرتهم ، ويأتيهم الجواب : كلا .. بل سوف يبقون في البرزخ حتى ينفخ في الصور ، وانئذ لا أنساب بينهم ، ولا هم يتساءلون عنها ، ولعل الاعتماد على الأنساب عقبة في طريق الايمان (٩٩).
ويحذرنا الرب من الموازين. حيث يخسر الذين خفت موازينهم ، بينما يفلح المؤمنون الذين تثقل موازينهم ، ويبدو ان ذلك أعظم وسيلة لتربية النفس. حيث يسعى المؤمن للتخلص من النار التي تصيب أولئك الذين كذبوا بآيات الله ، واعترفوا بشقائهم ، وطلبوا العودة الى الدنيا ، فرفض طلبهم وأسكتوا ، أو ليسوا كانوا يسخرون من عباد الله حين يدعون ربهم ، فنسوا ذكر الله (بتلك السخرية)؟! فأولئك المؤمنون هم الفائزون بصبرهم (١٠٢).
ويبدو ان السياق يعالج ـ بعدئذ ـ حالة التسويف في النفس والتي هي الاخرى عقبة في طريق الايمان.
فاذا بسائل يقول : كم لبثتم في الدنيا؟ فلا يعرفون حساب بقائهم ، ولكنهم يعتبرونه يوما أو بعض يوم ، بلى. لقد لبثوا قليلا في الدنيا (بالقياس الى زمن الآخرة) ولكنهم لم يعلموا ذلك والا لما استهانوا بحياتهم الآخرة (١١٢).
ويعالج العبثية التي يزعم أصحابها ان الحياة بلا هدف ، ويذكرهم بأنهم سيرجعون الى ربهم للحساب ، وانه تعالى الرب الملك الحق ، فلا عبث ولا لعب ولا لهو في الخلق.