اي ان النطفة صارت نطفتين من الأب والام ، فتعلقتا ببعضهما وأصبحتا علقة.
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
والمضغة هي مقدار ما يمضغ من اللحم.
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ
ويلاحظ ان في الآيات (١٢ ـ ١٤) سبعة افعال تبيّن دور الارادة الالهية في التحولات التي يمر بها الإنسان من كونه طينا حتى يصير بشرا سويا ، وهي (خلقنا ، جعلناه ، خلقنا ، فخلقنا ، فخلقنا ، فكسونا ، أنشأنا) وذلك حتى لا يتصور الإنسان ان القانون الطبيعي هو الذي يخلق ، كلا .. بل الله هو المهيمن والمدبر من فوق القانون «وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ».
ومن هنا نقول بان أمور الإنسان بيد الله ، فهو يخضع لتدبيره تكوينيا ، فكيف لا يخضع لتدبيره تشريعيا و سلوكيا؟! وثمة ملاحظة هامة هي : ان الله في كل مراحل الخلق لم يقل «تبارك الله» الا في المرحلة الاخيرة ، إذ اعطى فيها الإنسان العقل ، وهنا يجب ان نجل صاحب هذا الفضل ونقول «فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ».
[١٥ ـ ١٦] ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ
هكذا ينلقنا القرآن من معرفة النفس ، وتطورات الخلق الى قدرة الله التي لا يعجزها شيء ، ومن قدرة الله الى البعث بعد النشور ، وبالتالي الى المسؤولية ، وهكذا نرى ان منهج القرآن هو التذكرة بالحقائق العلمية من أجل إغناء وعي الإنسان