لا ليأكلوا على حساب ميراث السابقين ، والمؤمنون حينما ينتصرون ، ويسقطون الطاغوت يعرفون بأنها نقطة البداية ، وآنئذ تبدأ مسئوليتهم الأصعب في البناء الحضاري والتكامل.
[٣٠] إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ
الدنيا ليست على شاكلة واحدة ، فهي مليئة بالمصاعب والمشاكل ، ومسئوليتنا الاستعداد لهذه الحياة ، لا ان نفقد عزيمتنا ، أو تخور ارادتنا امام الشدائد.
وقوله «وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» فيه تأكيدات على البلاء.
[٣١] ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ
القرن في تعبير القرآن هو الجيل أو الامة. إذ يعاصر بعضهم بعضا ، ويقرن اليه ، ولا ندري من هم هؤلاء ، فلعلهم كانوا قوم ثمود ، فهم الذين اهلكوا بالصيحة ، ولعلهم قوم عاد ، إذ هم أقرب تاريخيا الى عصر نوح.
ولعل إخفاء اسمهم كان بهدف جعلهم أقرب الى واقعنا ، وان عذاب المكذبين سنة الهية ، لا تختص بقوم دون قوم ، ولا عصر دون عصر ، لذلك قال أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ وهو ينصح قومه :
«ايها الناس : ان الله قد أعاذكم من ان يجور عليكم ، ولم يعذكم من ان يبتليكم ، وقد قال جل من قائل : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ » (١)
فالله لا يجور علينا ، ولكنه يبتلينا ، وعلينا ان نخشاه أبدا ، لأنه لا يخص قوما دون قوم في الابتلاء.
__________________
(١) المصدر ص ٥٤٤.