اي ان هذا من طبقتكم ، وطبيعتكم ، فلا تطيعوه ، وإذا عرفنا ان أكثر الطغاة كانوا يضللون الناس البسطاء بأن عنصرهم أفضل من عنصر الناس ، وأنهم متميّزون عنهم ذاتيّا ، ووراثيّا ، ولأنهم الأقوى والأغنى. إذن عرفنا بعدا من أبعاد مثل هذه الآية ، وكان الملأ يقولون للناس : بأنهم اولى بالطاعة من الأنبياء ، لان الأنبياء من طبقة المحرومين ، يأكلون مثلهم ، ويشربون مثلهم ، فهم لا يستحقون القيادة ، بينما هم ـ اي الطغاة ـ يتميزون عن الناس في مأكلهم ومشربهم.
[٣٤] وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ
عند ما ندرس حياة الأنبياء قد نتصور أنهم رجال ضخام ، ونتخيلهم ضمن هالة من القيم المادية ، اما إذا تصورناهم رعاة للغنم ، ثيابهم خلقة .. ويأتي أحدهم الى فرعون وهو جالس في قصره ، تحيط به الجنود ، وشهرته طبّقت الافاق ، ويطلب منه ان يطيعه ، ويسلم الأمر اليه ، فاننا نعرف مدى صعوبة الايمان بهم.
[٣٥] أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ
هل من الممكن ان يعود الرميم ، وتصير العظام البالية بشرا؟!
[٣٦] هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ
اي بعيد ان يتحقق ما يعده الرسل ، وان يعود الإنسان ثانية بعد الموت ، وهنا احتمال آخر لهذه الكلمة هو : ان الكفار كانوا يسوّفون ، فحتى لو كان البعث حقا ، فانه سيكون في زمان بعيد جدا ، وهكذا يسوف أهل المعاصي ، و جاء في الدعاء : «فاعني بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والآمال عمري» و جاء في الحديث ان أكثر ما يشكو منه أهل النار «سوف».
[٣٧] إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ