وعلى اي حال : فان في الآية درسا في اختيار الموقع المناسب للمسكن ، كما ان الآية التالية تذكرنا : بضرورة اختيار الطيبات للطعام.
[٥١] ولم تكن هذه النعم الا لكي تقيم أود الإنسان ، ولكن الهدف الأبعد منها ان يستخدم جسده في خير نفسه والناس ، من خلال الصالحات.
وقد كان هذا نداء الله لكل الرسل ، ومن بعدهم للمؤمنين ، ان يأكلوا لا ليعيشوا أو يتلذذوا بالنعم ـ فحسب ـ بل ليعملوا الصالحات.
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
كما ان المهم في العمل ان يكون خالصا لوجه الله حتى يأتي بثماره ـ دنيا وآخرة ـ وهل يخلص لله الا الذين يتحسسون برقابته ، وعلمه بهم؟! ويجب على المؤمنين ان يعملوا بما يمليه عليهم الشرع والعقل دون ان ينتظروا رضى الناس.
ويبدو ان الإسلام يرجع الناس الى عقولهم. البعيدة عن الهوى والضغوط ، والتي جعلها الله حجة بينه وبين العباد ، فتكون الطيبات التي تدعونا إليها هذه الآية هي التي يحكم بها العقل ، وهكذا العمل الصالح ، وانما الشرع يثير العقل ويبلوره جاء في الحديث :
«العقل رسول باطن والرسول عقل ظاهر»
[٥٢] ان المقاييس الايمانية التي وضعها الله سبحانه ، هي التي تكشف حقيقة الكثير ممن يدّعون الايمان ، إذ ان مقياس الايمان وحقيقته ليس ما يدّعيه البشر أو يعتقد به ، بل ما يضعه الله سنّة ، وما يعلمه من واقع كل إنسان ومجتمع.