الشهوات فإنّها لا يصدر عنها الا السيئات ، ولعل كلمة «مِنْ دُونِ ذلِكَ» تشير الى هذه الحقيقة ، أو الى ان الأعمال الاجرامية التي يمارسونها على فضاعتها تعتبر دون أفكارهم الضالة ، فإن خبث العقائد الفاسدة أشد من خبث الأفعال المنكرة.
[٦٤] حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ
ولم يقل الله (حتى إذا أخذنا هم بالعذاب) وهذا التحويل في لحن السياق القرآني لعلّه يدل على فكرة معينة هي أن الله لا يأخذ كل المغمورة قلوبهم بالعذاب ، بل يأخذ المترفين منهم ، والآيات التي تلي هذه الآية تفسرها ، وهذه من خصائص السياق القرآني أنه يفسر بعضه بعضا.
والجأر هو : نهاية حالة الضراعة ، والطلب الملح.
[٦٥] ولكن ليس ينفع المترف دعاؤه حين يحل به العذاب.
لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ
[٦٦] والآية التالية ، جواب على سؤال يفترض أنه يصدر عن المترفين ، حين يجدون أنفسهم بين يدي العذاب ، إذ يتساءلون عن سبب رد الله لاستجارتهم وتضرعهم ، فيأتيهم الجواب :
قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ
ان الآيات القرآنية وهي وقود الانطلاق والتقدم ، يفترض انها تدفع الإنسان نحو الأمام ، أما إذا كان قلبه مطبوعا بالتخلف والانحراف فهي لا تنفع معه أبدا ، بل تزيده طغيانا وكفرا ، والنكوص على الأعقاب ، كناية عن المشي القهقرى.
[٦٧] لذلك يقول القرآن :