عند ما ينزل الماء من السماء تذهب كل قطرة منه ، في اتجاه يختلف عما ذهبت اليه القطرات الاخرى ، اما الآيات القرآنية فلم تتنزل لكي تتناثر هنا وهناك ، بل قدر الله لها ان تكون وحدة متراصة ، ضمن سور واحد هو القرآن الكريم ، تطبق كمجموع فلا تتبعض ، بل لا يمكن الأخذ بقسم منها وترك الآخر جانبا. هكذا فرض الله السورة.
وكما فرض الله السورة القرآنية ، فانه فرض الاسرة التي هي بمثابة سور الإنسان وحصنه ، الذي يلجأ اليه في الحياة الاجتماعية ، وهذا ما تؤكده آيات هذا الدرس من سورة النور.
وحيث انه لا يمكن فرض شيء الا بالقوة ، فقد فرض الله حرمة الاسرة بقوة العقوبات ، التي أوجبها بحق من يعتدي على نظامها في المجتمع الاسلامي ، حتى أننا لنلاحظ شدة العقوبة عليه ، إذ يجلد كل من الزانية والزاني مائة جلدة دونما رأفة.
وكما يفرض الإسلام عقوبة صارمة على الناكح بفاحشة ، كذلك يفرض على من يزني بلسانه ، فيرمي الأبرياء والبريئات بتهمة الزنا. إذ يعتبر ذلك نوعا من الاعتداء على سلامة البيت الاسري ، الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بسمعته النظيفة ، فالبيت الذي تلوكه الالسنة ليس محلا آمنا للحياة المستقيمة.
وبقدر ما يؤكد القرآن الحكيم على حرمة الزنا ، فهو يؤكد على حرمة الاتهام ، إذ يطالب المتهم بإثباتات كافية ، لان الاتهام ذاته قد يكون وسيلة لاشاعة الفاحشة ، والمجتمع الذي تسقط فيه قيمة الشرف العائلي يسهل عليه الهبوط الى حضيض الفواحش.
وبالرغم من الغلظة التي لا بد ان نقضي بها على الانحرافات الخلقية في