وانما يقصد الإسلام من هذا التشدد في مسألة الشهادة على الزنا ، المحافظة على الحياة الاسرية في المجتمع من التفتت ، والانهيار. وكما ان الزنا من أشد عوامل انهيار الاسرة فان الاتهام به يؤدي الى ذات النتيجة تقريبا ، إذ أنه من الجرائم التي يمكن الاتهام بها سريعا ، وهي تدغدغ غرائز الناس خصوصا المعقدين جنسيا ، وليست مثل جريمة القتل وغيرها ، لذلك شدد الإسلام على العقوبة من جهة ، وعلى الشهادة من جهة أخرى ، وكلا الأمرين يهدفان الى شيء واحد هو صيانة الاسرة ، والمحافظة على العفة والشرف في الحياة الاجتماعية.
وقد اعتبر القرآن من يقذفون المحصنات بالزنا ، دون الإتيان بأربعة شهود بأنهم فاسقون ، لأنهم بعملهم هذا يوجهون أكبر ضربة لشرف المجتمع ، الذي جاءت الأديان السماوية لإصلاحه ، واحكام بنائه.
[٥] إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ليس جديدا على من يقرأ القرآن ، ان يلحظ لحوق كلمة الإصلاح بالتوبة ، فكثيرا ما تكرر ذلك في مواضع مختلفة من القرآن الكريم ذاته ، ذلك لان شرط قبول التوبة ان يصلح الإنسان ما أفسده بذنوبه ، والله سبحانه يؤكد لفئة التائبين ، بأن مغفرته ورحمته سوف تشملهم ان هم رجعوا الى طريق الحق بعد الانحراف ، وتداركوا ما فاتهم بالجهد المخلص والعمل البناء ، وإصلاح ما أفسدوه بذنوبهم ، فاذا اتهموا المحصنات بالفاحشة وسقط شرفهن بذلك ، وجب عليهم الإعلان عن كذبهم ، والاستعداد لإجراء الحد عليهم ، لإعادة الاعتبار إليهن ، فقد قال سماعة : سألته عن شهود الزور؟ قال : فقال : يجلدون حدا ليس له وقت ، وذلك الى الامام ، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس ، واما قول الله عز وجل : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً إِلَّا الَّذِينَ تابُوا قال : قلت : كيف تعرف توبته؟ قال : يكذب نفسه