دخل أربعتهم دفعة واحدة ، ليشهدوا لدى الحاكم على عملية الزنا ، والإسلام الذي فرض عقوبة الجلد أو الرجم على مرتكب الزنا ، هو الذي منع قبول الشهادة لأقل من أربعة ، وهل تقع عملية الزنا علانية حتى يتمكن هذا العدد من الشهادة عليها؟
ان الجرائم الاخرى كالقتل والسطو يمكن ان تحدث أمام الناس ، أما الزنا فان الحياء البشري الذي أودعه الله في فطرة كل إنسان يمنع وقوع هذه العملية جهارا أمام الآخرين ، فكيف يرى هذه العملية أربعة وبكل وضوح؟ انه لا يقع الا في حالات نادرة جدا مما يدل على ان هذه العقوبة الشديدة سوف تختص واقعيا بالذين يستهترون بالحدود الشرعية ، وبآداب العرف العام ، دعنا نقرأ النصوص التي تبين أحكام الشهادة على الزنا :
عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام :
«لا يرجم الرجل والمرأة حتى يشهد عليهما أربعة شهداء على الجماع والإيلاج والإدخال كالميل في المكحلة» (١)
وعن حكمة اشتراط الشهود الاربعة ، يروي ابو حنيفة امام المذهب الحنفي عن الامام الصادق عليه السّلام ، فيقول قلت له : أيهما أشد الزنا أو القتل ، قال فقال : «القتل» ، قال (ابو حنيفة) فقلت : فما بال القتل جاز فيه شاهدان ، ولا يجوز في الزنا الا أربعة؟ فقال لي : «ما عندكم فيه يا أبا حنيفة؟» قال : قلت ، ما عندنا فيه الا حديث عمر : ان الله اجرى في الشهادة كلمتين على العباد ، قال : «ليس كذلك يا أبا حنيفة ، ولكن الزنا فيه حدان ولا يجوز ان يشهد كل اثنين على واحد. لأن الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد ، والقتل انما يقام الحد على القاتل ، ويدفع عن المقتول» (٢)
__________________
(١) المصدر / ص ٥٦٩.
(٢) المصدر / ص ٥٧٤.