وبركاتها ، كالزيتونة اللاشرقية واللاغربية ، تمتص من اشعة شمس الرسالة أزكاها ، وأنماها ، وهكذا نتذكر بالآيات ان هناك سورين للاسرة الفاضلة : سور مادي وهو البيت الذي يحرم على الاجنبي اقتحامه ، وسور معنوي يعلو بالقيم السامية ، والبيت الذي اذن الله له ان يرفع انما هو الذي يحصّنه ذكر الله وتسبيحه ، والذي يشتغل أبناؤه بمعايشهم ولكن دون ان تشغلهم عن ذكر ربهم ، وهكذا تحافظ الاسرة على مهمة الإنسان ، الذي خلقه الله مصباحا للحياة ، يتفجر من جوانبه النور ـ ارادة وعقلا وعواطف ـ فلو ترك هذا النور تلفحه رياح الشهوة لانطفأ أو لا أقل لقلت اضاءته ، ولكنك تجد من الناس من لا نور لهم أساسا ، وهم يجعلون أنفسهم في قبور من ظلمات الكفر والجحود ، كالليل المظلم تلفّه أمواج الشهوة ، وتكتنفه سحب الغفلة ، فلا يجد السبيل الى فهم الحقيقة أبدا.
بينات من الآيات :
الله نور السموات والأرض :
[٣٤] وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ
ان الآيات المبينات هي التي توضح الطريق للناس ، وتجعلهم قريبين من الحقائق ، وأسلوب القرآن في تفهيم الحقيقة هو أسلوب التذكرة ، واثارة العقل ، بتوجيهه لها ، فالحقائق موجودة والإنسان يمتلك ما يكشفها ، ولكنه بحاجة الى من يدله عليها ، ويذكره بها ، وذلك عن طريق الآيات التي تشير إليها ، كالعبر التاريخية.
وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ
لتتعظوا بتجارب الآخرين ، وتزدادوا معرفة ورشدا.