وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ
الذين يخافون عقاب الله ، اما من لا يخاف عقابه ، فانه لا يستفيد من القرآن ، فهو كالأعمى لا يستفيد من نور الشمس ، وهكذا القرآن علم وحكمة وموعظة ، ففيه آيات تبيّن سنن الله ، مما يزيد البشر علما ، ثم يضرب الأمثال من الأمم الغابرة ، مما يزيد البشر حكمة ، ثم يوصل ذلك العلم وتلك الحكمة بحياة القارئ مباشرة فيكون موعظة لمن يتعظ.
[٣٥] اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ
يفيض من نوره بمشيئته المطلقة على السماوات والأرض خلقا بعد خلق ، ولحظة بلحظة ، وكما يفعل ذلك في عالم التكوين (الطبيعة) فانه يفعل ذلك في عالم التشريع (الأحكام) إذ يفيض علينا برسله ورسالاته ، فيعطي الإنسان النور (العقل) لحظة بلحظة ، ليفهم الرسالة به.
ان نور الله يتجلى في الطبيعة كما يتجلى في التشريع. وربما تبين هذه الآية المثال الثاني ، فلقد جاء في بعض التفاسير ان المقصود من المشكاة هو قلب الرسول (ص) اما المصباح فانه رسالات الله التي أنزلها على ذلك القلب الطاهر.
الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ
يمكننا تأويل الزجاجة بالعقل الذي يستقبل نور الرسالة ، أو ليس هو الرسول الباطن ، أو ليس هو الحجة الباطنة ، وعنده تصديق ما أنزل الله؟! كما يمكن تأويله بالرجال الصالحين ممن يحفظون رسالات الله ، وهذا هو المأثور.
الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ
في نقائها وتلألئها ، فعند ما تتلوث هذه الزجاجة فان النور يخبو ، وهكذا الأمر