فبعلمه أضاف نور الرسالة الى نور العقل ، ولا يمكن لأحد ان يستفيد من هذا النور دون مشيئته ، فلا بد من التوجه له حتى يفيض على الإنسان من نوره ، ولا يكون ذلك الا عند ما يخلص الإنسان العبودية له.
ولعله انما قال تعالى : «لنوره» ولم يقل : (بنوره) لأنه يهدي الإنسان بنور رسالته ، لنور رحمته.
بيوت الله :
[٣٦] ان نور الرسالة لا بد ان يوضع في البيت الرفيع والاسرة الفاضلة كي يزداد اتّقادا ، أما الاسرة المليئة بالعقد النفسية ، والصفات الرذيلة ، فان النور ليس لا يتقد فيها فحسب ، بل ويخفت حتى ينتهي الى الظلام.
ففي تلك البيوت الرفيعة تنمو النفوس الطيبة ، ينمو العقل النيّر ، لأنها البيوت التي يذكر فيها اسم الله كثيرا ، فيأذن الله لها بالارتفاع الى سماء الوحي ، فهي محل للعبادة والتسبيح في بدايات النهار واخرياته ، من رجال جعلوا ذكر الله فوق كل ذكر ، وفوق التجارة التي لا تمنعهم عن ربهم ، ولا تلهيهم عن اقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة.
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ
تلك هي بيوت الأنبياء والصديقين والصالحين ، ولو لا ان الله أذن لها ان ترفع ، ويكون رجالها خير الرجال ، ونساؤها خير النساء ، منهم الائمة والولاة ، وفيهم سيدة النساء ، وقدوة الصالحات وهم أهل بيت الرسالة .. لو لا هذا لما حق لها ذلك ، ان الناس عبيد الله ، وهو الذي يختار لهم الائمة والسادة ، ولا ينبغي ان تكون للناس الخيرة من أمرهم ، وحتى طاعة الناس لرسل الله لا تكون الا بإذن الله ، فقد قال ربنا عز وجل «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللهِ» و جاء في حديث مأثور