المزيفة ، أو بالأحرى آلهتهم التي تعبد من دون الله ، وبالتالي خاضعا للمقاييس الجاهلية لاختيار القيادة ، ومن أهم المقاييس التي كانوا يعتمدونها في تمييز القيادة :
١ ـ القوة البشرية (عدد التابعين والأصحاب).
٢ ـ القوة الاقتصادية (الثروة والمال).
٣ ـ السيطرة السياسية ، وعادة ما تكون نابعة من القوتين السابقتين.
وما دام الرسول لا يمتلك الجنود المجندة حتى يخضعوا لقمعها ، ولا تلك الثروة التي تستعبدهم بها الطبقة الرأسمالية ، ولا تلك الأراضي الواسعة حتى يحترموه كما يحترمون اقطاعييهم الكبار ، فهو لا يستحق ـ إذا ـ قيادتهم ، ولكنهم لم يعلموا أن هناك فرقا شاسعا بين الرسول وقادتهم الجاهليين ، فقد ضلوا السبيل لمّا ضربوا له الأمثال.
وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً
فمن جانب يتعجبون لان الرسول (ص) يشبههم في حياتهم ومعيشتهم ، يأكل الطعام ، ويبحث عن رزقه في الأسواق ـ وكأنهم كانوا يريدون له الاقامة في البروج العاجية ، وأن يجعل بينه وبينهم عشرات الحجب ، كما يفعل الملوك والسلاطين ـ ومن جانب آخر يتساءلون لماذا لم ينزل معه مخلوق غيبي ، يتوعد كل من يعرض عن دعوة الرسول ،
ولعلّنا نستوحي من قوله تعالى «نذيرا» عن لسان الكفار ، ولم يقولوا «بشيرا» انهم أرادوا أن يكون للرسول قوة قامعة تدعم الرسالة بإذلال الرقاب ، وكانوا يريدونها قوة مادية يشاهدونها بأعينهم ، أما أن تكون قوة الغيب الالهية هي السند ، فهذا ما لم تستوعبه عقولهم التي لم تتحرر من قيد المفاهيم المادية.