[٨] أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها
وإذا لم تهبط عليه الثروة بصورة كنز يلقى له من السماء ليجعله من طبقة الأثرياء ، فليكن عنده بستان يدر عليه من الدخل ما يغنيه عن الاكتساب لطعامه الخاص؟!
وقد أغفل هؤلاء بهذه التخرصات كرامة الإنسان التي هي فوق القوة والمال وما تغله الأرض من ثمرات.
وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً
وقد نسب القرآن صفة الظلم لهم دون الاكتفاء بضمير يعود على ما تقدم ذكره لان لكلامهم جانبين :
الأول : المطالبة بحجة قاطعة على صدق الرسالة ، وقد يتصور لها جانب الموضوعية.
الثاني : اتهامهم الرسول بأنه رجل مسحور. أي فاقد العقل والارادة الحقيقيين ، وهذا ظلم في حق الرسول ، ومن يدعي باطلا مقابل الحق يتحول من مجرد منكر باللسان إلى محارب بكل معنى الكلمة ، وحين يدعو شخص أحدا إلى فكرة فإمّا يرفض أو يقبل ، وامّا أن يعلن الحرب ضده ، ويتهمه بالجنون ، فإنه الظلم ذاته؟ لأن عدم اقتناعه بالدعوة ـ لو افترضناه ـ لا يسمح له أن يمنع الناس من قبولها.
[٩] عند ما بدّل الكفار المقاييس ، ضربوا الأمثال لمقاييسهم الخاطئة ، حيث أرادوا الرسول قيادة كقياداتهم ، كي يستجيبوا له ، فطالبوا بملك كرمز لقيادة أصحاب القوة ، أو كنز كرمز لقيادة أصحاب الثروة ، أو جنّة كرمز لقيادة أصحاب