إننا نؤمن بالشمس ، دون ان نرى غير ظلها ، الذي نعرف من خلاله طبيعتها وقوّتها ، ومدى دفئها ، كما لو كانت الشمس هي التي نراها ، وكذلك عن طريق أسماء الله وآياته في الكون يجب ان نعرف ربنا ونتيقّن يقينا راسخا به ، وكما ان الشمس هي دليل الظل بإذن الله وليس العكس ، كذلك الرب هو الدليل إلى ذاته بذاته ، وبآياته وأسمائه وليس العكس.
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً
وذلك بوقف دوران الأرض لتبقى في ليل دائم ، أو نهار مستمر.
ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً
تتماوج التعابير والإيحاءات القرآنية لتبث حزمة نور الى القلب وتوصل الإنسان الى غيب الحقائق ، فما نراه ظل للشمس ، وآية من آيات الله ، فلما ذا عن طريق الظل نكتشف الشمس ولا نعرف وجود الله؟! واين نحن من ذلك الإمام الذي قال : «ما رأيت شيئا الا رأيت الله قبله ومعه وبعده»؟!
فالمؤمن يعيش محاطا بمعرفة الله ، لأنه أنّى ينظر يجد آيات الله الواضحة ، مما يزيده ايمانا الى ايمانه ، فان رأى الجمال والكمال قال سبحان الله ، وان رأى العظمة والقدرة قال الله أكبر. ولعل الآية توحي الى التشابه بين شمس الطبيعة وشمس الوحي ، وأن الذي جعل الشمس دليل الظل أوحى بالرسالة لتكون هدى ونورا.
[٤٦] ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً
وهنا تتجلى هيمنة الله ، وكيف أنه ينشر الظل ، ثم يقبضه بصورة سهلة وميسرة ، دون نصب وتعب تعالى الله عن ذلك.