لقد وقف المفسرون طويلا عند هذه الكلمة ، فمنهم من قال : انها القمار والنرد والشطرنج ، ومنهم من قال : انها الأوثان التي تعبد من دون الله ، باعتبار ان الحج كان ملوثا عند الجاهلية بعبادة الأوثان ، وقد أمر الله سبحانه ان يطهر الحج من عبادة الأوثان. وقال بعضهم : ان الرجس هو مجرد قبول فكرة وجود الصنم في بيت الله الحرام. وقال بعضهم : انها تلك الذبائح التي تذبح لغير الله. وقد سبق ان قال الله تبارك وتعالى : وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ وفي أماكن متفرقة من القرآن يؤكد الله على ان ما ذبح لغير الله حرام ، وانه رجس.
كل ذلك صحيح ومقبول ولكن يبدو ان هناك فكرة اعمق وهي : ان الإنسان اما ان يعبد الله وحده لا شريك له ، ويلتزم بالقيم التي أمر بها الله سبحانه ، واما ان يخضع للشيء أي شيء كان. بتعبير آخر : الناس اثنان ، فاما إنسان قيمي يقدس القيم ويؤمن بالغيب ، أو إنسان شيئيّ لا يؤمن الا بالشهود ، وهو يقدس الأشياء ، ان الرذيلة .. الانحراف .. الظلم .. إلخ كل ذلك ناتج عن شيئية الإنسان وعدم تقديسه للقيم ، وقد يحول في بعض الأحيان القيم الى الشيء ، فتراه يذهب الى الحج ولكنه ليس بهدف الوصول الى الله من خلاله ، بل ينظر الى مناكسه نظرة شيئية ، فيتوجه قلبه الى هذه الأشياء دون ان يجعلها سبيلا ورمزا الى القيم التي وراءها ، فالكعبة يجب ان تكون عندنا رمز التوحيد والوحدة ، والذبح يجب أن يرمز الى ان كل شيء فداء لله ، ورمي الجمار يجب ان يرمز الى ضرورة مقاومة الشياطين ... إلخ.
والذي ينحرف فيعبد الشيء لا شك انه سوف ينحرف انحرافات أخرى ، ومنها الشطرنج ، الذي يشبه الى حد ما تلك العادة الجاهلية التافهة ، التي كانت تقضي بالقرعة عند الأوثان ، ثم العمل بمقتضى ما يستخرج منها.
لذلك جا في الأثر : عن أبي عبد الله الصادق عليه السّلام ، قال في قول الله عز وجل :