الجهاد ، فليتق الله ـ تعالى ـ عبد ، ولا يغتر بالأماني التي نهى الله ـ تعالى ـ عنها ، من هذه الأحاديث الكاذبة على الله ، التي يكذبها القرآن ويتبرأ منها ، ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله بشبهة لا يعذر بها ، فانه ليس وراء المعترض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرء لنفسه ، وليرها كتاب الله ـ تعالى ـ ويعرضها عليه ، فانه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه ، فان وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وان علم تقصيرا فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد ، ثم ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عز وجل على المؤمنين والمجاهدين لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علّمنا كم ما شرط الله ـ تعالى ـ على أهل الجهاد ، الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان ، فليصلح امرء ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله ، فان رأى انه قد وفّى بها ، وتكاملت فيه فانه ممن أذن الله ـ تعالى ـ له في الجهاد ، وإن أبى أن لا يكون مجاهدا على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم ، والاقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى ، والقدوم على الله ـ عز وجل ـ بالجهل والروايات الكاذبة ، فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل ان الله ـ تعالى ـ ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فليتق الله امرء ، وليحذر أن يكون منهم ، فقد بين لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ، ولا قوة إلّا بالله ، وحسبنا الله عليه توكلنا وإليه المصير(١)
__________________
(١) المصدر ص ٥٠٢ / ٥٠٥.