وليس في الآية ما يدل على الآخرة فقط بل يشمل الدنيا أيضا. ذلك ان المغفرة وكفران الذنوب وتطهير الواقع الفردي والاجتماعي من أثار الانحراف والفساد ، وتزكية النفس من قذر العقد والأحقاد ، ان كل ذلك نعمة عظيمة يسبغها الله على المؤمنين في الدنيا أيضا.
كذلك الرزق الكريم يوفره الله لعباده المؤمنين ، الذين يرفضون الخضوع لأصحاب السلطة والثروة ، ويتعالون على الذلة والهوان ، أو لم يقل ربنا سبحانه :
«وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ»؟
[٥١] وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ
أولئك الذين يبذلون قصارى جهدهم في سبيل تعجيز آيات الله ، حسب ظنهم ، اي عرقلة مسيرتها ، وتعويق تطبيقها ، وتحديها والتكذيب بها أو تأويلها ، انهم أصحاب الجحيم.
ويسعى هؤلاء نحو الحاق العجز بالآيات ، بتحديها ومواجهتها ، فهم بعكس المؤمنين الذين يسلّمون بالآيات ، ويقولون : كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا بلا مكابرة ولا جدال.
ويدخل ضمن هؤلاء :
أولئك الذين يكذبون بالآيات رأسا.
وأولئك الذين يأولونها ويحرفون مواضعها ، مثل خدم السلاطين من علماء السوء.
وأولئك الذين يعوقون تطبيقها كالحكام الظلمة.