نرتكس فيهما ارتكاسا.
وإنّ عبادة الله تعني التحرّر من كلّ عبودية أخرى ، من عبودية الهوى والشهوة والمال والسلطة ، والتقاليد والأعراف ، ممّا يمنح الإنسان الكرامة التامّة ، وآنئذ يرتفع إلى مستوى التقرّب إلى الله حتى يهب له الربّ قدرة لا تحد ، وحياة لا تنتهي ، جاء في حديث قدسي عن ربّ العزّة سبحانه أنّه يقول : «يا ابن آدم : أنا غني لا أفتقر أطعني فيما أمرتك أجعلك غنيّا لا تفتقر ، يا بن آدم : أنا حي لا أموت أطعني فيما أمرتك أجعلك حيّا لا تموت ، أنا أقول للشيء كن فيكون أطعني فيما أمرتك تقول للشيء كن فيكون» (١).
إنّه آنئذ يكون خليفة الله ليس في الأرض فقط بل في الطبيعة أيضا ، ففي الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ـ عليهما السلام ـ أنّه قال : «من خاف الله عزّ وجل أخاف الله منه كلّ شيء» (٢).
بينما يكون العكس حينما يعبد غير الله ، حيث يصبح ضعيفا حقيرا أمامه ، لا يملك من حول أو قوة : «ومن لم يخف الله عزّ وجلّ أخافه الله من كلّ شيء» (٣)
بينات من الآيات :
[١ ـ ٤] تبدأ سورة الذاريات بآيات تشير إلى ما في الكون من مظاهر قدرة الله وتجلّيات تدبيره : فهذه الدورة الحياتية التي تبدأ بالرياح تذرو البذور وتنشرها لتتلاقح ، ثم تحمل السحب الثقيلة بالغيث وتجري في السماء بيسر ، بالرغم من الوقر الذي تحمله ، ثم يقسّمها الله حسب مساحات الأرض بتقدير حكيم تفيض على
__________________
(١) كلمة الله / ص ١٤٠
(٢) بحار الأنوار / ج ٧٠ / ص ٣٨١
(٣) المصدر