(يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ)
لأنّه يوم الدّين والحق ، وقد أعرضوا عن الدّين ، واتبعوا الأهواء والظنون ، أمّا المؤمنون الذين آمنوا بالآيات الربّانية ، وصدّقوا بالحسنى ، واتبعوا داعي الله في الدنيا ، فذلك يوم سعادتهم ، وأيّ سعادة أسمى من لقاء العبد بربّه ، وبلوغه الوعد الذي طالما تاقت إليه نفسه؟! «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ* لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ* لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» (١) ، «وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ» (٢).
قال الامام علي (ع) يحدّث الناس عن أحداث المحشر : «إذا كان يوم القيامة بعث [بعثهم] الله تبارك وتعالى من حفرهم عزلا بهما جردا مردا في صعيد واحد ، يسوقهم النور ، وتجمعهم الظلمة ، حتى يقفوا على عقبة المحشر ، فيركب بعضهم بعضا ، ويزدحمون دونها ، فيمنعون من المضي فتشتدّ أنفاسهم ، ويكثر عرقهم ، وتضيق بهم أمورهم ، ويشتدّ ضجيجهم ، وترفع أصواتهم» ، قال : «وهو أوّل هول من أهوال يوم القيامة» قال : «فيشرف الجبّار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ظلال من الملائكة ، فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم : يا معشر الخلائق! أنصتوا واسمعوا منادي الجبّار» قال : «فيسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم» قال : «فتنكسر أصواتهم عند ذلك ، وتخشع أبصارهم ، وتضطرب فرائصهم ، وتفزع قلوبهم ، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت ، (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) ، قال : «فعند ذلك يقول الكافر هذا يوم عسر» (٣)
__________________
(١) الأنبياء / (١٠١ ـ ١٠٢).
(٢) النمل / (٨٩).
(٣) نور الثقلين / ج (٥) ـ ص (١٧٥).