رسول ربكم إليكم ، وهو يقول لكم : إن أنتم تبتم ورجعتم واستغفرتم غفرت لكم وتبت عليكم ، فلمّا قال لهم ذلك كانوا أعتا ما كانوا وأخبث ، وقالوا : «يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين» قال : يا قوم إنّكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرّة ، واليوم الثاني ووجوهكم محمرّة ، واليوم الثالث ووجوهكم مسودّة ، فلمّا كان أوّل يوم أصبحوا ووجوههم مصفرّة ، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا : قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لا نسمع قول صالح ، ولا نقبل قوله وإن كان عظيما ، فلمّا كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرّة ، فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا : يا قوم قد جاءكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ، ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ، ولم يتوبوا ولم يرجعوا ، فلمّا كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسودّة ، فمشى بعضهم إلى بعض وقال : يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح ، فقال العتاة منهم : قد أتانا ما قال لنا صالح ، فلمّا كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة ، خرقت تلك الصرخة أسماعهم ، وفلقت قلوبهم ، وصدّعت أكبادهم ، وقد كانوا في تلك الثلاثة أيّام قد تحنّطوا وتكفّنوا وعلموا أنّ العذاب نازل بهم ، فماتوا أجمعين في طرفة عين ، صغيرهم وكبيرهم ، فلم يبق لهم ناعقة ولا راغية ولا شيء إلّا أهلكه الله ، فأصبحوا في ديارهم ومضاجعهم موتى أجمعين ، ثم أرسل الله عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقهم أجمعين ، وكانت هذه قصتهم» (١)
وهي وسابقاتها وما يليها من القصص وإن تضمّنت الكثير من الأفكار إلّا أنّها تدور حول فكرة محوريّة بهدف تيسيرها وتقريبنا منها.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
__________________
(١) المصدر / ص ١٨٥