(الكيلوغرام ، الكيلومتر مثلا ، وكذلك المقاييس والأوزان الأخرى) وهذه يتفق عليها الناس ، ويعتمدونها في معاملاتهم ، ولعل هذا من أبرز معاني إقامة الميزان واحترامه وعدم التلاعب به ، بأن يعتبر البعض الكيلوغراما ٩٠٠ ، والبعض الآخر ١٠٠ غراما ، فذلك يفقد البشرية إنجازا حضاريّا ، ويفسح المجال للمزيد من الظلم والتلاعب بالحقوق ، بل إنّ إقامة الوزن (الهدف) لا يتحقّق إلا بالميزان ، وإخساره تضييع لهذا الهدف.
وكلمة «الْمِيزانَ» واسعة تشتمل على كثير من المضامين ، فالعقل ميزان ، والقرآن ميزان ، والعهد ميزان ، وما تتفق عليه التنظيمات في اجتماعها إلى بعضها ميزان ، ولا يصح لأحد أن يخرج عليه مهما كان مخالفا لمصالحه الشخصية ، ولكنّ أظهر معاني الميزان هو القيادة الرسالية ، بأقوالها وأفعالها وآرائها باعتبار قربها من القيم فهما وتطبيقا ، قال الإمام الرضا (ع) : «والميزان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) نصبه لخلقه ، قال الراوي : قلت : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ)؟ قال : لا تعصوا الإمام ، قلت : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ)؟ قال : وأقيموا الإمام بالعدل ، قلت : (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ)؟ قال : لا تبخسوا الإمام حقّه ولا تظلموه» (١) والقرآن يضرب لنا مثلا لإخسار الميزان في الحقل الاجتماعي والاقتصادي فيقول متوعّدا : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) (٢) والتطفيف كما يظهر من الآية يناقض بالضبط إقامة الوزن بالقسط.
[١٠] والأرض هي الأخرى تجلّ لرحمة الله الشاملة ، حيث خلقها ووفّر فيها عوامل الحياة التي من شأنها أن تجعل عيش الإنسان عليها ممكنا بل طيّبا ، كالجاذبية والأكسجين والماء ومختلف أنواع الأكل ، وكذلك وفّر فيها الضوء والحرارة
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ـ ص ١٨٨
(٢) المطففين / ١ ـ ٣