وجاء في حديث مأثور عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) انه قال : « أتدرون من السابقون الى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سألوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم» (١).
وبالرغم من ان تطبيق الحديث على هذه الآية غير واضح إلّا أنّه يهدينا الى ميزات السابقين بصفة عامة.
[١١ ـ ١٢] (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)
إن أعظم جزاء السابقين القربى من رب العزة ، ويتجلّى في الكرامة العظيمة التي أعدّت لهم (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)
قالوا في معنى الثلّة : إنها من ثللت الشيء ، أي قطعته ، ومعناها : فرقة ، لكن من هم الأولون والآخرون؟ قال بعضهم : من مضى من السابقين في الأمم السابقة أكثر لأن الأنبياء كانوا أكثر ، بينما السابقون في هذه الأمة قليلون لأن النبي واحد ، وكأنهم زعموا أن السابقين لا يكونون إلا من أصحاب النبي الذين سبقوا الآخرين في الايمان به.
وقال آخرون : الأولون والآخرون هم من هذه الامة ، وإنما كان الأولون أكثر لأنهم نهضوا بأعباء الدعوة أيّام غربته ، بيد أن ظاهر الآية ينسجم مع التفسير الأول ، وقد استوحى بعض المفسرين من هذه الآية الكريمة : أن القرون الاولى خير من التي تلتها ، بينما العكس هو المفهوم من الآية ، إذ كلما كثر عدد المؤمنين قل عدد السابقين لأن أهمية السابق تحركه في الاتجاه المخالف للناس ، ولذلك كان
__________________
(١) تفسير نمونه / ج ٢٣ ـ ص ٢٠٥ نقلا عن تفسير المراغي / ج ٢٧ ـ ١٣٤