النار ومصير أصحاب الشمال وكوسيلة للتقرب إلى رضوانه.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)
وهذه الدعوة هي محصلة طبيعية لحديث الآيات السابقة ، ومتممة لها ، فتلك دعتنا إلى التصديق وعرفتنا بربّنا من خلال نعمه وآياته المتجلي فيها سبحانه ، وحرضتنا على التذكر والشكر ، وهذه الخاتمة أوضحت لنا البرنامج العملي لتلك المعرفة والتذكر والشكر المتمثل في تنزيه الله عن الشريك وعن أي نقص وعجز وحد.
ولأننا لا نعرف كنه ذاته سبحانه فليست لنا وسيلة اليه وإلى تسبيحه إلّا أسماؤه الحسنى المتجلية في الطبيعة ، والمذكورة في كتابه ، وأسمى أذكار التسبيح قول العبد (سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله والله أكبر) وهو سبحانه عظيم واسمه كذلك عظيم ، وتنكشف لنا عظمته وعظمة اسمه كلما تقدمت وتعمقت معرفتنا بآياته وآثار عظمته في الخليقة كلها.
والملاحظ في هذه الآيات (٥٨ ـ ٧٣) ذكرها لأهم النعم الفطرية والحضارية بالنسبة للإنسان ، فاهم النعم الفطرية هي خلقة الإنسان التي تبدأ من المني وتستمر ، وبنعمة المطر ، وأهمها حضاريا مما يعتبر اكتشافها انعطافات كبري في تاريخ الحضارة البشرية. اكتشاف الزراعة والنار ، ولا ريب أنّ لنعمة الزراعة تأثيرا في سائر مرافق حياة الإنسان ، فهي مرتكز لحاجاته الأساسية كالتغذية والبناء ، والكمالية كالزينة والظل والتمتع ، حتى قالوا إنها أصل كل حضارة.
ومعرفة هذه الحقائق يهدينا إلى أنّ الحضارة التي بأيدينا الآن ظاهر الأمر أنّنا الذين صنعناها وأوجدناها ، إلّا أنّها من صنع الله وفضله ، لأنّ الحضارة المادية